طفلي أخذ تشخيص اضطراب طيف التوحد ماذا بعد ؟
تجربة أم والمقال بقلم الأم والأخصائية المتميزة الأستاذة عزة البرغلي
أول ما يتبادر لذهن كل أم بعد لحظات من تشخيص طفلها باضطراب طيف التوحد جملة لماذا أنا؟
لماذا لاضطراب يصيب طفلا من ١٦٠ طفل أن يصيب ابني؟؟
كيف حدث هذا وما الخطأ الذي حصل؟
لن تجد الأم أي جواب، ستظن أن الدنيا أغلقت أبوابها في وجهنا ونفتنا بعيداً وحرمت المتعة علينا
لكن مع مرور اللحظات والأيام وتدبر المواقف ستتجلى رحمة الرحمن
قال تعالى: (ذَٰلِكَ تَأۡوِيلُ مَا لَمۡ تَسۡطِع عَّلَيۡهِ صَبۡرٗا)
ستبكي ستحزن وستتألم ثم ستنهض أقوى، ستواجه مواقف لم تكن تظن أنك قادر عليها
ستمتلئ خزائنك قوة ورحمة حزناً وفرحاً..
سيتغير مسار حياتك إلى مسار لم يكن ليخطر على بالك يوماً أنك ستمشي به
سترى وعورة الطريق وستعظم لذة الوصول..
حكمة من القرآن الكريم ❤️ لاشك أن والديّ الطفل الذي قتل قد تألما وحزنا لكن لم يكونا ليعلما أن الله سيعوضهما بمصابهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما
لاشك أن أصحاب السفينة ندموا على مساعدتهم لسيدنا موسى والرجل الصالح لكن بعد أن نجوا من الملك الظالم أدركوا رحمة الله..
نحن آباء نقوم بما علينا ونستودع أطفالنا عسى أن تدركهم رحمة الله بسببنا
قال تعالى: (وَكَانَ أَبُوهُمَا صَٰلِحٗا)
هي لحظات صعبة ستمضي والقادم أجمل ..
بدأت رحلتي كأم لطفل مشخص حديثاً عندما علمت بتشخيص طفلي الأول باضطراب التوحد كان حينها في الثالثة من عمره
لم أكن أعلم أن مسار حياتي سيتغير بعد هذه اللحظة.
أخبروني أنه بحاجة لجلسات تخاطب وعلاج وظيفي و جلسات تأهيل أخرى
بادرت مسرعة لهذه الجلسات ولم أتأخر مطلقاً واللافت في الأمر أني لم أكن أعلم ماذا يجري في هذه الجلسات السحرية عدا أن المعلمة تخرج لي بعد كل جلسة لتطمأن قلبي بأن الأمور جيدة و أن طفلي يتحسن
لكن بماذا يتحسن وماذا يتعلم ؟؟؟؟ ظل هذا السر السحري مختفياً مع المعلمات
بعد أشهر غيرت المركز إلى مركز جديد وإلى مركز آخر وغيرت العشرات ليبقى السر مختبئاً داخل جدران الغرفة التي يأخذ بها التخاطب..
أذكر أني دخلت لغرفة علاج وظيفي لأجد المعلمة قد أمسكت بيدي ابني وتجعله يقوم بلضم الخرز بينما كانت عيناه تناظران السقف باستمتاع
أخبرتها أنه غير منتبه معك لكنها أصرت على أنه مع تكرار العملية سيتقن اللضم!!!!!
دائما ما كان يحيرني برنامج التأهيل الخاص بابني فهو ينتقل من تعليمه الأكل بمفرده والقاء السلام إلى الالوان والأشكال ثم لضم الخرز والنظر الى عيني المعلمة بشكل متواصل دون أن ترف عينه (تواصل بصري بالاكراه ولو اني كنت مكانه لدمعت عيناي صدقً)
مرت الأعوام من عمر ابني وكنا نتأرجح بمكاننا..
الخيار التالي عادة يكون ببقاء الطفل بالبيت وبالاستسلام لواقعه الجديد.
لم يكن لدي شيء أخسره وبدأت بداية بقراءة المقالات وسجلت العديد من الدورات الخاصة بتعليم أطفال الاحتياجات الخاصة الى أن وجدت ضالتي بعلم تحليل السلوك التطبيقي..
خفايا الجلسات ظهرت و علمت القاعدة الذهبية الأولى أن الأم والأب والأخ والأخت بل العائلة كاملة شريك أساسي في تأهيل الطفل.
وما الجلسات إلا نموذج تدريبي يلقن الطفل كي يستخدم مهاراته بالبيئة الطبيعية
علمت أن الأم الراضية بقضاء الله والمسارعة لتدريب طفلها تتغلب على المشاعر السلبية بشكل أسرع وتساعد طفلها بشكل أفضل.
علمت أن الأمهات مختلفات فمنهن من تستطيع السيطرة وتتجاوز مرحلة الصدمة وما بعدها بسرعة ومنهن من تحتاج مساعدة مختصين ولا ينقص هذا من فضل إحداهن شيء فكلاهما عظيمتان..
علمت أن الصبر والتكرار بشكل علني دقيق يعطي نتائج جبارة..
علمت أن التدخل الصحيح يساعد الأطفال جميعاً بمختلف أعمارهم ومختلف قدراتهم
علمت أن الأطفال مختلفين فلكل نقاط قوة وضعف وعلينا مراعاتها وتقويتها
علمت أن الإعلام كاذب وما قصص النجاح التي تروى إلا لتغطي الجرح العميق بالورق كي تعمى عيون المجتمع عن مساعدة هذه الفئة المظلومة
علمت أنه لا يجوز لأي أم أن تعمم تجربتها مع طفلها على طفل آخر وما أكثر ما رأيت من أمهات بِتن يعملن مع الأطفال دون دراسة بل من خلال تجاربهن مع أطفالهن ومن خلال عملي رأيت بعيني اختلاف الحالات بشكل جذري بين طفل و آخر..
علمت وتعلمت و علمت بفضل الله…
الأم و الأخصائية والصديقة الأستاذة عزة البرغلي
في حال أردتم الاستزادة نترككم مع المقالات التالية:
التعرف على كيفية تعليم طفل التوحد اللعب والتواصل الاجتماعي تجدونها هنا
في حال فاتكم الحديث عن تحليل السلوك التطبيقي من أجل طفل طيف التوحد فتجدونه هنا
في حال فاتكم الحديث عن الجداول البصرية وأهميتها في تنظيم يوم الطفل تجدونه هنا
من أجل معرفة كيفية التعامل مع السلوكيات غير المرغوبة لدى الأطفال يمكنكم الاطلاع عليها من هنا