Maharat-RT

Posted by: رهف الترزي

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) عند الأطفال: شرح مفصل

مقدمة

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) هو أحد أكثر الاضطرابات النمائية العصبية شيوعًا بين الأطفال. يتسم هذا الاضطراب بثلاثة أعراض رئيسية: نقص الانتباه، فرط النشاط، والاندفاعية. يعاني الأطفال المصابون بـ ADHD من صعوبة في التركيز، وميل للاندفاع، وحركة زائدة تجعل من الصعب عليهم الالتزام بالمهام اليومية، سواء في المدرسة أو المنزل.

على الرغم من أن هذا الاضطراب قد يكون تحديًا للطفل وأسرته، إلا أن الفهم العميق له وتطبيق الاستراتيجيات العلاجية المناسبة يساعد في تحسين جودة الحياة لدى الطفل. في هذه المقالة، سنناقش أسباب ADHD، أنواعه، الأعراض، التشخيص، وتأثيره على حياة الطفل، بالإضافة إلى استراتيجيات التعامل معه.

 

ما هو اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟

ADHD هو اضطراب عصبي يؤثر على الوظائف التنفيذية في الدماغ، وهي المهارات المسؤولة عن التخطيط، التنظيم، التحكم في السلوك، والانتباه المستمر. غالبًا ما يظهر هذا الاضطراب في مرحلة الطفولة المبكرة، ويمكن أن يستمر إلى مرحلة البلوغ في بعض الحالات.

أنواع اضطراب ADHD

يمكن تصنيف اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه إلى ثلاثة أنواع رئيسية:

1. ADHD – النوع الغالب فيه نقص الانتباه:

الطفل يعاني من صعوبة في التركيز والانتباه إلى التفاصيل.

يجد صعوبة في إنهاء المهام.

يبدو وكأنه “يحلم” أو “لا يصغي” عند التحدث إليه.

 

2. ADHD – النوع الغالب فيه فرط الحركة والاندفاعية:

يتحرك الطفل كثيرًا، حتى في الأوقات التي يُطلب فيها منه الجلوس بهدوء.

يندفع في تصرفاته دون تفكير.

يجد صعوبة في الانتظار أو اتباع القواعد.

 

3. ADHD – النوع المختلط (الأكثر شيوعًا):

الطفل يعاني من مزيج من نقص الانتباه وفرط الحركة والاندفاعية.

 

أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه عند الأطفال

أولًا: أعراض نقص الانتباه

صعوبة في التركيز على المهام اليومية والأنشطة المدرسية.

ارتكاب أخطاء ناتجة عن الإهمال، مثل نسيان الواجبات.

فقدان الأشياء بسهولة (مثل الأقلام، الكتب، الألعاب).

تجنب المهام التي تتطلب تركيزًا طويلًا، مثل حل الواجبات أو القراءة.

التشتت بسهولة بسبب المؤثرات الخارجية.

عدم القدرة على اتباع التعليمات بشكل صحيح.

ثانيًا: أعراض فرط الحركة

صعوبة في البقاء جالسًا لفترات طويلة.

الركض أو التسلق في أماكن غير مناسبة.

التحدث بشكل مفرط وعدم التوقف عن الكلام.

الميل للعب بالأشياء في يديه أثناء الجلوس.

صعوبة في الاسترخاء أو التزام الهدوء أثناء اللعب.

ثالثًا: أعراض الاندفاعية

مقاطعة الآخرين أثناء الحديث أو اللعب.

صعوبة في انتظار الدور أثناء اللعب أو الأنشطة الجماعية.

الإجابة عن الأسئلة قبل انتهاء السؤال.

اتخاذ قرارات دون التفكير في العواقب.

 

أسباب اضطراب ADHD

على الرغم من عدم وجود سبب محدد لـ ADHD، إلا أن الأبحاث تشير إلى عدة عوامل محتملة، منها:

1. عوامل وراثية: يميل ADHD إلى الانتقال في العائلات، مما يعني أن العامل الجيني يلعب دورًا مهمًا.

2. اختلافات في بنية الدماغ: بعض الدراسات وجدت اختلافات في نشاط بعض مناطق الدماغ المسؤولة عن التركيز والانضباط الذاتي لدى الأطفال المصابين بالاضطراب.

3. عوامل بيئية: مثل التعرض للمواد السامة أثناء الحمل (كالرصاص والتدخين)، أو الولادة المبكرة.

4. اضطرابات في النواقل العصبية: مثل الدوبامين والنورأدرينالين، وهي مواد كيميائية تؤثر على التحكم في الانتباه والسلوك.

 

كيف يتم تشخيص ADHD؟

يتم تشخيص اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه من خلال مقابلات مع الأهل والمعلمين، واستخدام مقاييس سلوكية متخصصة. الطبيب أو الأخصائي يعتمد على دليل التشخيص الإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5) لتقييم الأعراض.

خطوات التشخيص:

1. مقابلة الأهل لمعرفة تاريخ الطفل والسلوكيات الملحوظة.

2. ملاحظة الطفل في بيئات مختلفة (مثل المدرسة والمنزل).

3. استخدام استبيانات ومقاييس نفسية، مثل مقياس كونرز (Conners Scale) أو CBCL.

4. استبعاد أي حالات طبية أخرى قد تسبب أعراضًا مشابهة (مثل مشكلات السمع أو اضطرابات القلق).

 

كيف يؤثر ADHD على حياة الطفل؟

إذا لم يتم التعامل مع ADHD بطريقة صحيحة، فقد يؤدي إلى مشكلات أكاديمية، وصعوبات اجتماعية، ومشكلات سلوكية.

1. في المدرسة:

يجد الطفل صعوبة في التركيز على الدروس.

ينسى الواجبات أو يفقد كتبه وأدواته.

يعاني من مشكلات في التنظيم وإدارة الوقت.

 

2. في المنزل:

يواجه الأهل صعوبة في جعله يلتزم بالروتين اليومي.

قد يعاني الطفل من تقلبات مزاجية سريعة.

يكون لديه مستوى طاقة مرتفع جدًا يجعله يتحرك باستمرار.

 

3. في العلاقات الاجتماعية:

يجد الطفل صعوبة في انتظار دوره في اللعب.

يواجه مشكلات في تكوين صداقات بسبب سلوكه الاندفاعي.

 

استراتيجيات التعامل مع ADHD عند الأطفال

يمكن للأهل والمعلمين اتباع عدة استراتيجيات قائمة على تحليل السلوك التطبيقي (ABA) لمساعدة الأطفال المصابين باضطراب ADHD، ومنها:

1. استخدام العقود السلوكية: مثل العقد السلوكي المكتوب الذي يحدد القواعد والمكافآت.

2. تعزيز السلوك الإيجابي: مكافأة الطفل فورًا عندما يظهر سلوكًا جيدًا.

3. تقليل المشتتات: تنظيم بيئة الطفل بحيث يكون التركيز على المهمة أسهل.

4. استخدام التقنيات الحديثة: مثل التطبيقات الذكية لتنظيم الوقت وتحفيز الطفل على إكمال المهام.

5. تقسيم المهام إلى خطوات صغيرة: بدلاً من إعطاء الطفل مهمة كبيرة، قومي بتقسيمها إلى أجزاء أصغر.

6. استخدام جداول مرئية: تساعد الجداول المصورة الأطفال على معرفة المهام المطلوبة منهم خلال اليوم.

7. إعطاء تعليمات واضحة وبسيطة: استخدمي جمل قصيرة وواضحة عند التحدث إلى طفلك.

8. تشجيع الأنشطة البدنية: الرياضة تساعد في تحسين التركيز وتقليل الطاقة الزائدة.

9. ممارسة تدريبات الانتباه: مثل ألعاب الذاكرة والتمارين التي تتطلب تركيزًا لفترة طويلة.

10. التعاون مع المدرسة: العمل مع المعلمين لوضع استراتيجيات تدعم الطفل أكاديميًا.

 

علاج ADHD: هل يمكن السيطرة عليه؟

لا يوجد علاج نهائي لـ ADHD، لكن هناك طرق فعالة لإدارته، مثل:

1. العلاج السلوكي (Behavioral Therapy): مثل تحليل السلوك التطبيقي (ABA) الذي يساعد في تعديل السلوكيات غير المرغوبة.

2. العلاج الدوائي: بعض الأدوية مثل الميثيلفينيديت (ريتالين) و الأمفيتامين (أديرال) يمكن أن تساعد في تحسين الانتباه وتقليل فرط الحركة.

3. التدخلات التربوية: برامج خاصة لمساعدة الطفل في التعلم بطريقة تتناسب مع احتياجاته.

 

خاتمة

اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) ليس عائقًا أمام نجاح الطفل، لكنه يتطلب تفهمًا ودعمًا مناسبًا من الأهل والمعلمين. يمكن تحسين جودة حياة الطفل من خلال استراتيجيات تربوية وسلوكية مناسبة، ومتابعة مستمرة تساعده على تحقيق أهدافه الأكاديمية والاجتماعية. كل طفل لديه نقاط قوة فريدة، والمفتاح هو معرفة كيفية توجيه هذه الطاقة بطرق إيجابية ومثمرة.