المراحل الاولى للتعامل مع سلوكيات أطفال طيف التوحد وتعديل سلوك أطفال طيف التوحد
عندما يتم تشخيص الطفل بأن لديه اضطراب طيف التوحد او لديه اضطراب التواصل الاجتماعي ، تبدأ الأم تلاحظ أعراض واضحة على الطفل مثل الانعزالية و سلوكيات نمطية مكررة أو أنه يقوم بسلوكيات غير مرغوبة ليبتعد عن المحيط أو يشبع حاجاته الحسية أو ليجذب انتباه أفراد أسرته
هنا يأتي دورنا كأهل وأخصائيين أن نعرف المراحل الأساسية للتدخل المبكر حتى يتم التدخل بشكل مكثف ومعرفة أولويات هذا الطفل، حيث أن هذه الأولويات تختلف من طفل لآخر.
وهناك أساسيات يجب العمل عليها:
أولاً/ السلوكيات النمطية التكرارية خلال اليوم:
عندما يبدأ الطفل بالدوران حول نفسه، الرفرفة، المشي على رؤوس أصابعه، إخراج أصوات بشكل متكرر خلال اليوم قد يكون السبب رغبة بالابتعاد عن الآخرين والمحيط الذي يعيش فيه… هنا على الفور يجب التدخل والتواصل مع الطفل و قد يكون بسبب مشاكل حسية وهنا علينا التدخل مع معالج وظيفي لمعرفة كيفية التعامل مع المشاكل الحسية
وكذلك علينا زيادة التواصل مع الطفل التواصل لايكون بإجباره على عمل مهمات كثيرة خلال اليوم أو تعنيفه أو بالصراخ عليه ومنعه من فعل هذا وذاك، بل هذا خطأ كبير وليس معناه تواصل أبداً ولن يساعد الطفل على التوقف عن هذه السلوكيات بل على العكس ستزداد حدتها اكثر .
لأن الطفل من الأصل لديه مشكله في التواصل وهو لا يعرف كيفية جذب انتباه الآخرين وسوف يسعى لجذب الانتباه حتى لو بشكل سلبي عن طريق هذه السلوكيات.
مثلاً عندما يرفرف وتقول الأم “توقف هذا خطأ” يصبح الطفل على علم أنه كلما أراد أمه وأبوه يجب ان يرفرف حتى يلفت نظرهم. علاج السلوكيات لايكون في هذه الطريقة أبدا بل يكون بالتواصل مع الطفل أكثر ونشغل يومه أكثر.
التواصل مع الطفل يكون بتوفير أشياء محببة له، منطقياً يجب مساعدة الطفل عن طريق مشاركته الأشياء المحببة له واللعب معه من خلالها ليتم التواصل. إذا كان الطفل يحب الفواكه نلعب معه من خلالها ، يحب الحيوانات أو ألعاب الماء نحضرها ونلعب معه فيها ونتواصل معه من خلالها.
هذا التواصل سيساعد الطفل ويبدأ ببناء مهارات التواصل البصري والشعور بالراحة لهذه البيئة من حوله قد يحب الطفل كذلك الالعاب الحسية من الممكن أشياء مميزة بالملمس، أشياء تصدر أصوات أيضا من الممكن أخذه للتعرف على ألعاب معينة من متاجر الألعاب و يمكن مشاهدة اهتماماته في الحدائق العامة.
بعض الأطفال تحب الحركة فنتواصل معهم بالالعاب الحركية ، عن طريق العاب محببة للطفل مثلا القفز معه. يجب اكتشاف ما يحب الطفل لتنمية مهارات التواصل.
ثانياً/ كيفية توجيه الطفل خلال يومه:
لايوجد مايسمى أن أعطي الطفل مئة أمر أو نعطيه بالورقة والقلم ماسيتم فعله خلال اليوم، نحن لا نتعامل مع روبوت بل نريد مساعدة هذا الطفل أن يتأقلم مع المكان الذي يعيش فيه حتى يستطيع التواصل معنا جميعنا.
هذا الطفل لديه مشكلة ونريد مساعدته، مثلاً إذا كان لدينا ألم بالأسنان سوف نذهب إلى الطبيب لمساعدتنا ولن يقوم بتوبيخنا على هذا الألم وكذلك الأمر بالنسبة للطفل نساعده لفهم بيئته. الطفل لايعلم كيف ينظم أموره ليس لديه القدرة على توقع ماذا سيحصل خلال اليوم و ليس لديه القدرة على تخيل الأحداث والمهام التي يجب عليه أن يفعلها وما إلى ذلك، وأيضاً لديه مشكله في التعلم لوحده مثل باقي الأطفال لأن لديه مشكلة في مهارة التقليد.
الأطفال الآخرون قادرون على التقليد، والتواصل بصرياً، تمييز الأشياء وتسميتها والتعلم بمفردها. هذا الطفل لديه صعوبة بكل هذه المهارات والتي تعد مهارات أساسية وواجبنا تدريبه عليها حتى يتعلمها ويقوم بها بمفرده ويتعلمها من البيئة.
فأنا هنا دوري بأن أساعد هذا الطفل لا أعاقبه يجب أن أساعده أنظم له يومه أدعمه بصور وجداول بصرية مثلاً لروتين الصباح روتين المساء روتين النوم أو السوبر ماركت، ولا يتطلب الموضوع جهد كبير فقط بضعة صور من Google أو في موقع مهارات أو ما يناسب الطفل ليكون قادر على فهم ماهو متوقع منه الى جانب توجيهات لفظية
ولكن ماذا سنفعل لتعليم الطفل كيفية التعامل مع نوبة الغضب او تجنب حدوث هذه النوبات بشكل متكرر ؟؟
أطفال طيف التوحد لديهم مستوى قلق وخوف عالي جدا، و من أجل أن يرتاح الطفل ونقلل مستوى التوتر لديه يجب أن نساعده أن يعرف ما الذي يتوجب عليه عمله.
مثلاً أنا ذهبت الى المستشفى جلست و لا أدري ماذا سيقول لي الطبيب ، لا أدري إلى أي طبيب أذهب ، لا أدري ماهي الإجراءات سوف يكون لدي قلق ،بينما إذا كان لدي علم مسبق وعرفت إلى أي مستشفى سوف أذهب، وإلى أي طبيب سوف أتوجه سوف يقل مستوى القلق لدي و سأحاول التعامل مع الموقف بشكل سليم.
وذات الشيء يحصل مع هذا الطفل يجب دعمه بالصور خلال اليوم استراتيجيات بسيطة مثلا صور لتسلسل احداث معينة أستيقظ في الصباح روتين الصباح، الدخول الى الحمام، تنظيف الاسنان، الفطور، المدرسة يمكن وضع الصور بالترتيب وعرضهم للطفل ليتوقع ماذا عليه ان يفعل . وستكون هذه الصور في بداية التدخل فقط لتخفيف نوبات الغضب ومساعدة الطفل والأم ومع الوقت يتم الاستغناء عنها وسيتأقلم الطفل لوحده خلال اليوم.
ثالثاً/ إستجابة الطفل:
الطفل في المرحلة الأولى قد لا يتجاوب مثلاً تتكلم الأم معه ولا يجيب، تتقرب منه لا يتواصل معهاتعطيع تعليمات لا يعالج المعلومة .
لذلك تكلمنا عن التواصل عن طريق اللعب حتى يبدأ الطفل بالاستجابة. وبالنسبة لموضوع التعليمات الطفل لا يستجيب في المرحلة الأولى ليس رفضاً بل الطفل لا يعلم كيف يستجيب قد لا يميز الاشياء من حوله هذا باب هذه سيارة افتح هات خذ.
أغلب الأطفال طيف التوحد لديهم تأخر في الادراك واكتساب المهارات فيكون الطفل غير قادر على استيعاب هذه الأمور ولا يعلم كيفية التجاوب معها.
الواجب علينا مساعدتهم لفهم هذه البيئة من حولهم؛ لذلك عند إعطاء أوامر للطفل يجب أن نعطيه إياها بطريقة جميلة بصوت هادئ وليس مرتفع، أعطيه اياها وأنا أمسك بيده وأساعده مثلاً أطلب منه فتح الباب ،أمسك يده وأساعده على فتح الباب ،فأنا أعطيه الأمر مع المساعده دون صراخ وانفعال ويحتاج الطفل محاولات متكررة ليتعلم و نراعي تخفيف المساعدة تدريجيا .
فالمنطق العلمي يقول لبناء هذه المهارات لدى الطفل يجب أن ندعمه وحتى يستمر سلوك الطفل الايجابي في حياته اليومية نحن لسنا في حرب مع الطفل بل نحن هنا لمساعدته .
رابعاً/ الدمج الاجتماعي:
ملاحظة هامة لا ندمج الطفل مع مجموعة من الأطفال ونجبره على الجلوس واللعب معهم ،لا نجبره على فعل أشياء لا يعلم لماذا نفعلها. ندعه يندمج مع الأطفال تدريجياً، نحضر أطفال أقاربه أو إذا كان لديه أخوة ندمجه معهم من خلال أنشطة محببة أو على طاولة الطعام ونعلمهم، الآن دوره بعده دورك، وهكذا تبادل الأدوار وأنشطة لعب محببة لهم .
ندع الطفل في المرحلة الأولى يندمج عن طريق الألعاب مثل المكعبات إذا كان يحبها مثلا ندعه يندمج مع الأطفال بأشياء يفضلها حتى يبدأ بتقبل الأطفال معه. التوحد يحتاج الى ثقافة عالية جداً وهذا كلام موجه للأمهات ، ثقفوا أنفسكم واعلموا أسباب السلوكيات التي تظهر خلال اليوم.
هناك جزء ثاني للمقال أنصحكم بقراءته
مقالات سابقة:
